متابعة: محمد الحفناوي
يقول سيدنا ومولانا الإمام العارف بالله الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه وأرضاه وأرضينا به جمعاً وفرداً في مقدمة خطاب حولية 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الوهاب الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء وهو على كل شيء قدير القائل في محكم التنزيل (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين وما أرسلناك إلارحمةً للعالمين)
اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك ونبيك المبعوث رحمةً للعالمين من السابقين والحاضرين واللاحقين ، صلاةً تليق بك منك بما هو أهله الهادي البشير والسراج المنير وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ورضي الله تبارك وتعالى عن سائر الأولياء الصالحين حملة مشاعل النور المحمدي ، قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء مظلمة وهذه هي حكمة الخلاق العليم .
ويقول سيدناومولانا الإمام العارف بالله الشيخ محمد الشيخ إبراهيم الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني رضي الله عنه وأرضاه وأرضينا به جمعاً وفرداً في خطاب حولية 2009م
يقول الحق تبارك وتعالى (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين) فالرسل خلقوا للرحمة ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم خلق بنفسه رحمة ، فلذلك صار أماناً للخلق ، لما بعثه الله أمن الخلق العذاب إلى نفخة الصور ، ولذلك قال عليه السلام (أنا رحمة مهداة) يخبر أنه بنفسه رحمة للخلق من الله .
إن مفهوم الرحمة وهي الصفة الأشمل والأعم من الصفات الإلهية والنبوية التي أراد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أن يوسع إدراك المسلمين لها ، فقد قام واقفاً حين مرور جنازة فقالوا له يارسول الله إنها جنازة يهودي فقال صلى الله عليه وآله وسلم (أوليست نفساً منفوسة) فاحترام النفس التي خلقها الله من أساسيات الرحمة المهداه وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مجلسه يأتي الطفل فيأخذ بيده صلى الله عليه وآله وسلم ليريه شيئاً أعجبه فيقوم معه النبي ولا يرجع إلى مجلسه حتى يترك الطفل يده ، وكان في زمنه إمرأة بعقلها شيئ وكانت تأتي لتنادي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بين أصحابه وتحادثه بعيداً عنهم فما كان يتركها حتى تنهي حديثها ، وانظر إلى هذا البعير الذي حضر ساجداً أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهمهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحضر بعده صاحبه فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن البعير يشكوا من قلة الزاد وكثرة العمل وأمره بإطعامه وإعطاءه قسطاً من الراحة ، وهذان الجبلان أحد وهمدان يسأله أحد أن يصير له ذهباً فقال صلى الله عليه وآله وسلم أحد جبل يحبنا ونحبه وهمدان ينادي إني أحبك يارسول الله ، ولما علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن السيدة عائشة زوجت إحدى قريباتها في الأنصار سألها أأرسلتم معها من تغني لها ثم أمر زينب وهي إحدى المغنيات وقال قومي فالحقي بها وغني أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم ، وهاهو عمير الأخ الأصغر لخادمه أنس بن مالك حين مات (نغير) عصفور صغير كان يلعب به ذهب إليه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وظل يعازيه ويلاطفه بقوله (ياعمير مافعل النغير).
وما أكثر أمثلة الرحمة التي نختمها برحمته بمن آذوه فذلك الجار اليهودي الذي يضع القاذورات كل يوم أمام باب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما خرج يوماً ولم يجدها فعلم أن اليهودي مريض فذهب ليزوره ويسأل عنه ، وهاهو النبي يرسل عباءته إلى ابن سلول لتخفف عنه الحمى في مرضه وهو زعيم النفاق ورأسه بالمدينة الذي آذاه في نفسه وكان سبب فتنة السيدة عائشة رضي الله عنها.
يقول الإمام فخرالدين رضي الله عنه:
هو رحمة والأمهات به اقتدت *** رب رحيم ربه سماه
ويقول أيضاً سيدنا ومولانا الشيخ محمد رضي الله عنه في خطاب حولية 2016م
قال تعالى :(وما أرسلناك إلارحمةً للعالمين) نبي الرحمة الذي حض على استعمال الرحمة والعطف على جميع الخلق من جميع الكائنات والحيوانات ، على اختلاف أنواعها في غيرحديث ، وأشرفها الآدمي وإن كان كافراً ، لأن ذلك مما يغفر الذنوب ، ويستر به العيوب ويقربنا للمحبوب إن شاء الله ، فكن راحماً لنفسك رحيماً لغيرك ، ولا تستبد بخيرك ، فارحم الجاهل بعلمك ، والذليل بجاهك ، والفقير بمالك ، والكبير والصغير بشفقتك ورأفتك ، والعصاة بدعوتك ، والبهائم بعطفك ، فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم بخلقه ، فمن كثرت منه الشفقة على خلقه ، والرحمة على عباده ، رحمه الله برحمته ، وأدخله دار كرامته ، ووقاه عذاب قبره ، وهول موقفه ، وأظله بظله إذكل ذلك من رحمته. اه.